الأربعاء، 29 سبتمبر 2010

زورق داخل نفس بشرية ..!

ولدت فى أسره طالعها عظيم الفأل وفضلاً عن ذلك وهبت خصالاً فاضله
نَزعت بطبعى إلى العمل .. متلهفاً لنيل إحترام الجميع
وهكذا كما تتوقع توفرت لى كل ضمانه تنبئ بمستقبل مشرف ولافت للنظر
وفى الحقيقة ...
كان أفدح عيوبى نوعاً من الخفه التى تستعجل تبوأ المراتب وإستبدالها
على غرار التبديلات التى تصنع سعادة الآخرين ... لكنى
أو شخصاً فى مثل حالى إستصعبت الإنسجام مع رغبتى المستبده فى أن أشمخ برأسى عالياً وأن أتلبس أمام عامة الناس مظهراً تفيض رزانته عن الحد المتعارف عليه
مذاك إتضح لى أنى أخفى مباهجى ...

ولما بلغت من العمر سن الرشد وطفقت أراقب من حولى وأتملى مسيرتى ومكانتى فى العالم
كنت محكوماً سلفاً بإزدواج عميق فى الحياه وكم من إنسان تدرع من قبل إتقاء لمثل تلك المعاصى التى بت مذنباً بارتكابها .. لكنى من المنظور العالى الذى رفعته نصب عينى تدبرت الأمر وأخفيته
وإحساس مرهف بالعار يكاد يجللنى ..!
ولهذا السبب فان الطبيعه الرهيبه لتطلعاتى أكثر من أى انحطاط آخر فى مثالبى
هى ما جعلت منى ما صرته ..!
ومع هوه عميقه أعمق فى الغور مما قد تصادفه عند السواد الأعظم من البشر أجهزت فى سريرتى على أقانيم الخير والشر تلك التى تقسم وتؤلف طبيعة الإنسان المزدوجه ..
وفى هذه الحاله كنت مدفوعاً كى أتأمل بعمق ودأب القانون الجائر للحياه
ذاك الكامن فى جِذر الإنسان الاكثر عدوانية وذنوباً ..!
وهو واحد من أغزر ينابيع التعاسه ..
برغم هذا الإزدواج العميق بداخلى لم أكن ولا بأى شكل من الأشكال مرائياً
فكلا الجانبين كان جاداً فى دأبه كل الجدية
ما كنت لأعود أنا نفسى كلما نحيت ممانعتى جانباً أتخبط فى العار
إلا إذا كدحت فى وضح النهار على المضى بالمعرفة قُدماً
وتخفيف الآسى والعذابات وشاءت المصادفة أن قرأت بحثاً علمياً أفضى
صوب الغامض والمتسامى فى نفسى
نشطت وسلطت ضوءاً قوياً على هذا الوعى الذى عرفته فأفضى بى
إلى حرب طويلة الأمد تدور رحاها بين أعضائى كل يوم
ومن جهة عقلى الأخلاقى والفكرى دنوت بوتيرة لا تكل من تلك الحقيقة التى أنزل بى إكتشافها الجزئى لعنة أودت بى إلى خراب مريع ..!
حقيقة أن الإنسان ليس شخص واحد حقاً
وإنما بالحقيقه شخصان ..!
أقول شخصان لأن معرفتى لم تتخطى حدود تلك النقطة
سأجازف أنا بهذا الإفتراض ..
ان الانسان سيعرف لاحقا
تعريفاً مطلقاً فى النهاية
بأنه محض هيكل يقطنه سكان متنوعون ومتنافرون ومستقلون ..!
أما أنا وفى الجهة التى تخصنى وبحكم طبيعتى فقد حتم على أن أتقدم فى إتجاه واحد
إتجاه واحد فحسب !!
فمن الجانب الأخلاقى وفى شخصى أنا تعلمت التعرف إلى الإزدواج العميق والبدائى فى الإنسان
رأيت ذلك فى الطبيعتين اللتان تتآلفان فى ساحة وعيى وحتى لو قيل عنى بأنى أحدهما
فما يعرفه الآخرون هو قليل لأنى بالحقيقة الشخصان نفسهما !!
ولكن بأفعال مختلفة لجسد واحد
إلى هذه النقطة كنت أشعر بإحتمال وقوع مثل تلك الأشياء لكل بنى الإنسان
وتعلمت أيضاً كيف أتملى مغتبطاً فكرة إنفصال هذه العناصر الإنسانية
ودرجت على الإستغراق فى هذا التأمل كأنى هائم فى أحلام يقظة أعشقها
وأسررت لنفسى لو أتيح لكل عنصر السكُنى فى هوية مستقلة
منفصلة لإستراحت الحياه من كل الأعباء التى تثقل كاهلها
سيسلك الظالم سبيله الخاص مستريحاً من أمنيات وندم توأمه الآخر الأكثر
إستقامة منه وللعادل أن يسير ثابت الخطى وآمناً فى دربه السامى
يقدم على الأشياء الخيرة التى يجد فيها سعادته ولن يعترضه عندئذ
خزى وتوبة إستجرتهما يدا هذا الشرير الغريب
كانت لعنة بنى آدم أن تتواشج على هذا النحو سوياً هذه المتناثرات المتنافرة
أن يتصارع هذان التوأمان المتضادان على الدوام فى رحم الوعى
الذى يتلوى الماً ...
فكيف إذن يفترقا ...؟

هناك 3 تعليقات:

  1. بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    ربما تتعجب أخى أنى كنت فى لهفة لأزور مدونتك
    ولم أعلق فور رؤيتى لها

    صدمنى ما أعلق عليه

    عرفتك كاتباً من الطراز الأول
    ذا رؤى
    أديبا مبدعاً
    شخصية مركبة من قوه وأشياء أخرى لا تقل بروزاً عنها
    لكنى ما عهدتك فيلسوفاً
    كنت بالوعى التام المراد لفهمها

    ربما تمنيت أن أجارى بعض النص لكن
    حسب نفسى سيكون تفلسفا واصطناعاً
    لا يخرج عن كلام لا يعنى شئ أى شئ

    آثرت أن أمر هكذا
    وتعليقى
    كأنه
    لا تعليق لكن بما أننا فى مدونه لابد من التعليق

    مبدع

    وحدها لا تكفى

    ردحذف
  2. السلام عليكم اخي الكريم

    اولى زياراتي التي ان شاء الله ستتكرر
    ------------

    فلسفة رائعة

    تحليل وتصوير وتعبير مبهر !

    نظرات عميقة لجوانب مهملة لأكثرنا

    تستحق على كل هذا أنك متميز

    لكن ...

    ارى جموحا وشرودا ليس مطلوبا
    فمثل هذه الافكار ليس مردودها دوما نافعا


    ----------
    في النهاية لا يسعني الا اني اتمنى لك كل خير وتميز
    وان يجمل الله ايامك بطاعته وخيره
    --------------------
    والسلام عليكم .

    ردحذف
  3. مشكورة مليكة والأمير على تعليقاتكم الراقية والمحفزة أيضاً .. إنتظركم حين أجد نفسى سأعود وأرجو أن تعودوا ثانيةً

    ردحذف